التجارة الإلكترونية ومدى تأثرها بفيروس كورونا

مع ما شهده العالم مؤخراً من الإنتشار المتسارع لفيروس كورونا وتحوله إلى جائحة عالمية، هناك العديد من التغيرات السلبية و الإيجابية التي طرأت على مجال التجارة الإلكترونية؛ بداية من التأثير على سلوك المستهلكين والتغيّر الكبير في نسب أرباح المتاجر الإلكترونية، وصولاً إلى ظهور فئات جديدة من المنتجات التي خلقت أسواقًا ضخمة في غمضة عين.

سنتناول هنا أبرز تأثيرات جائحة كورونا على التجارة الإلكترونية و كيف يمكن تجنب السلبي منها.

زيارات متضاعفة للمتاجر الإلكترونية 

إن من أكبر تأثيرات فيروس كورنا التي تمت دراستها هو الإرتفاع الكبير و الملحوظ في أعداد الزائرين للمتاجر الإلكترونية، بنسبة وصلت إلى 25% من حيث عدد المشاهدات على صفحات المتاجر الإلكترونية، و ما يقارب الـ30% أرباح إضافية ببعض المتاجر نتيجة توجه المستهلكين للتسوق إلكترونياً بعد اجراءات العزل المنزلي.

بالإضافة إلى ذلك فإن نفاذ البضائع من الكثير من المحال التجارية بسبب الجائحة أدى إلى توجيه المشترين إلى البحث عن السلع إلكترونياً، وهو ما عاد بأرباح كبيرة على المتاجر الإلكترونية المتخصصة في بيع السلع الاستهلاكية والغذائية على وجه الخصوص، فقد وصلت تلك النسب إلى 250% في المتاجر التي تعرض سلع الخضروات والغذاء.

أسواق جديدة في الساحة

نظراً لتحول اتجاهات المستهلكين إلى شراء فئات معينة من المنتجات المستخدمة في الوقاية من فيروس كورونا، اتجهت أغلب المتاجر الإلكترونية إلى تحويل نشاطها إلى فئات متعلقة بالمجال الطبي، فظهرت منتجات جديدة مثل قفازات اليد، أقنعة الوجه، والمطهرات الكحولية. في حين حققت بعض الفئات غير المشهورة مسبقاً زيادة في الأرباح بنسبة وصلت إلى 50%، من ضمنها منتجات اللياقة البدنية حيث رغب معظم الأشخاص في الحفاظ على لياقتهم في المنزل بعيداً عن صالات الألعاب الرياضية.

من ناحية أخرى فإن قضاء المزيد من الوقت في المنزل، وجه أنظار الكثيرين إلى الإحتياجات المنزلية الناقصة التي لطالما أجلوا قرار اقتنائها، و نتيجة لإتخاذهم هذا القرار في ظل إجراءات العزل المنزلي نجد إرتفاعاً ملحوظاً في أرباح منتجات الأثاث والمفروشات والمتعلقات المنزلية.

الخوف وتأثيره على سلوكيات الشراء

من المعروف و حسب الدراسات النفسية و السلوكية فإن العواطف تؤثر بشكل واضح في قرارات الشراء للمستهلكين. ونتيجة للخوف من الإصابة بفيروس كورونا، اتجه أغلب المستهلكين إلى شراء كميات ضخمة من المنتجات الطبية و الأدوية وخصوصاً أقراص علاج نزلات البرد وخفض الحرارة ومسكنات الألم، ما نتج عنه إرتفاع غير مسبوق في نسب بيع هذه المنتجات من المتاجر الإلكترونية، فقد قُدرت الارتفاعات في نسب أرباح تلك الفئات من المنتجات إلى 500%، في حين حققت متاجر منتجات الأطفال والرضّع ارتفاعاً يُقدر بـ 350%، وتخطت متاجر المنظفات نسبة ربح 200%.

انخفاض نسب الإنفاق 

إذا تم إلقاء الضوء على الجانب الآخر من هذه المعادلة، فهناك انتكاس ملاحظ أيضاً في عمليات الشراء في كثير من المناطق حول العالم وفي عدد ضخم من المنتجات. و قد يعزى ذلك إلى موجات الهلع التي سيطرت على الأجواء بعد ظهور جائحة كورونا واتجاه عدد مقدر من المستهلكين إلى إدخار أموالهم تحسباً لتحول الظروف إلى الأسوأ، وهو ما صنع نوعاً من ضعف الإقبال على شراء المنتجات والسلع، وخاصة غير الأساسية منها. و برغم من أن الإحصائيات أشارت إلى أن تلك الحالة عمّت أنحاء العالم في شهري مارس وأبريل من العام 2020، باعتبارهما وقت بداية تفشي الأزمة.ثم شهد شهر مايو بعد ذلك عودة المستهلكين مرة أخرى إلى سلوكهم الطبيعي بعد بدء اجراءات التعايش مع المرض،إلا أن هذه الظاهرة تستدعي الانتباه إلى تغير سلوكيات العملاء و تأثر قراراتهم.

ما يجب إدراكه هنا هو أن شرائح العملاء وسلوكهم في تحولٍ دائم، وهو ما يتطلب من أصحاب الأعمال أن يبذلوا جهداً إضافياً للتكيف مع هذه التغييرات وإدارتها جيداً كي يحققوا الأرباح المرجوة.