يعيش العالم اليوم اضطراباتٍ شديدة في شتى المجالات بسبب ڤيروس كورونا المستجد، وتفشي الموجة الثانية زاد الأمر سوءاً، فما بين الحاجة الضرورية لعودة دوران عجلة الإنتاج والنهوض بالاقتصاد وبين الخوف على حيوات المواطنين فإن الموجة الثانية قد تكون بمثابة انهيار سريع للتماسك الذي بدأه الاقتصاد العالمي، ما يعطل عملية التعافي بعد تكبد خسائر بتريليونات الدولارات -على الرغم من اكتساب العالم خبرة في مواجهة فيروس كورونا المستجد-
وفي هذا الصدد، قال محللون مختصون أن الاقتصاد العالمي لا يتحمل موجة ثانية لتفشي كورونا، وهناك توافق دولي على عدم تكرار سيناريو الإغلاق الكامل إلا أنه قد يكون مطروحاً حسب قوة الموجة، موضحين أن عقاراً فعالاً هو الأمل الوحيد لاستمرار وتيرة تعافي الاقتصاد العالمي وتعويض الخسائر التي تكبدها.
كما كان صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير أكثر تشاؤماً حول الاقتصاد العالمي، متوقعاً أن يكون الركود الاقتصادي هذا العام أعمق مما كان متوقعاً في بداية أزمة كورونا، بينما قدر البنك الدولي أن فيروس كورونا سيتسبب في تقلص الناتج العالمي بـ٥.٢ في المئة خلال ٢٠٢٠، وهو ما سيكون أعمق انكماش منذ الحرب العالمية الثانية!
ما هي المخاطر الموجودة الآن ؟
محلل أسواق السلع والمعادن النفيسة جون لوكا قال من جانبه أن مخاوف الموجة الثانية ما زالت موجودة وتهدد استقرار أسواق الأسهم والأصول بكافة أنواعها، فالفترة التي عاصرت أظهرت تفضيل الأفراد الاحتفاظ بالسيولة وعدم ضخها في ظل حالة عدم اليقين.
وأوضح لوكا أن مخاطر موجة ثانية قد تعصف باستقرار أسواق النفط مع انكماش الطلب المتوقع. كما سيؤثر على أسواق الأسهم التي استعادت عافيتها إلى حد ما، وبدأت تحقيق مستويات قياسية لا سيما بالولايات المتحدة الأميركية، مضيفاً :
“من المتوقع زيادة الإقبال على الملاذات الآمنة، وهذا الأمر من شأنه زيادة الطلب على الذهب مما ينعش أسعار الذهب لتجاوز مستويات الألفين دولار للأوقية، ثم إلى ألفين وثلاثمائة دولار”.
و قد نوّه إلى أن النظام المالي العالمي لا يتحمل تقديم برامج تحفيز مالي مثل ما قدمته خلال الجائحة في موجتها الاولى. والتي فاقمت أوضاع الديون وزادت مستويات السيولة في الأسواق بشكل ينبيء بظهور فقاعة من الديون إذا فشلت الشركات في سداد القروض مع موجة تفش ثانية.
و قد رصدت حكومات دول العالم ما يجاوز ١٠٪ من الناتج الإجمالي العالمي عبر سياسات مالية ونقدية. هذا بحسب أحدث تقييم صادر عن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة.
كما ذكر المحللون أن الخسائر غير المسبوقة على الإقتصاد العالمي طالت جميع الدول، ومن المتوقع أن تستمر فترة كبيرة لمعالجتها وستختلف الأمور من دول لأخرى حسب ملاءمتها المالية والاحتياطات النقدية التي ستمكنها من الإنفاق على خطط التحول المطلوبة باقتصاد ما بعد كورونا.
وفي هذا الصدد، ذكر أيضاً معهد التمويل أن أسواق المال ترحب بحزم التحفيز التي تقرها الحكومات، إلا أن التعافي الاقتصادي قد يأتي على حساب الإنتاجية الأقل ومعدلات الديون المرتفعة. مضيفاً أن حزم التحفيز العالمية تقدر بنحو ١١ تريليون دولار، وهناك حزم قيد الموافقة قيمتها ٥ تريليونات دولار، وأغلب تلك الحوافز تحصل عليها الدول من خلال إصدارها سندات في الأسواق المالية.
فيما قدر محللون أن تتجاوز حزم التحفيز ٢٠ تريليون دولار مع إقبال الاقتصادات الكبرى على إقرار مزيد من برامج التحفيز المالي والنقدي لدعم تعافي الاقتصادات ومع تكشف الأضرار الحقيقية لفيروس كوفيد-19.
هكذا تأثر الاقتصاد العالمي وأصحاب المشاريع بجائحة الكورونا وهذا جانب من المخاطر المتوقعة التي نقدمها لكم على سبيل البدء في دراسة السوق العالمي لحرصنا الدائم على النجاح المستمر لعملائنا ومتابعينا.